قديم 02-20-2008, 07:00 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

صاحب الامتياز غير متواجد حالياً


افتراضي الرومــانــســي

كنا قد تشاجرنا هذا الصباح ، على أمر سخيف .
أعترف أني كنت البادئ بالاستفزاز .

قلت لها : - لماذا لا أسمع منك كلمة حالمة ، شيئا من تلك الرومانسيات ، التي تملأ حياة بعض الناس ، فتجعلها وردا وقوس قزح ..؟

صوبت نحوي نظرة باهتة ،

ثم قالت بسرعة : - "الشاهي ناقصة حلا" .

قلت ، وقد بدأت وتيرة صوتي تعلو : - "حياتنا كلها ناقصها حلا" .

أخذت ترتب أطباق الطعام أمامي ، دون أن تتكلم ، فبلغ الغيظ مني أقصاه ، فأهويت بقبضة يدى على معصمها ، وأطبقت عليها بشدة وأنا أهزها ،

والكلمات تنطلق كالضجيج من فمي : - لمـاذا لا تسمعيني كلمـة حـب واحدة ، لماذا تقتلين حياتي ومشاعري المتأججة ، بهذا البرود .. ؟ لماذا .. لماذا ..؟

وأنطلقت أعدد عليها ما تحتاجه صحراء قلبي المجدبة . حدثتها عن العطش ، عن الجوع ، عن أحلام قتلها الصقيع ... عن الحب ، يموت ظامئا .. جائعا .. تائها ، لا عينين يأوي إليهما . كانت يدى تطبق على يدها ، ولم أشعر أني قد آذيت معصمها في غمرة إنفعالي ، مما أراه سكونا بلـيدا ، مميتا ، في مشاعرها تجاهي .

لم أدرك ذلك ، إلا حينما رأيت وجهها ينطق بكل معاني الألم ، وهي تقول لي بصوت متهدج : "يدي .. يدي .. أرجوك ، لقد أوجعتني" .

أطلقت يدها ، وسيطر على شعور بالندم ، وأخذت أتأملها ، وهي تغالب الدمع ، وتمسح يدها بيدها الأخرى .

قلت في نفسي : - (كيف يؤذي من يطلب الحب) ؟ كان واضحا أن يدها تؤلمها ، إذ لم تستطع أن تستخدمها في إكمال إفطارها . ولاحظت أيضا ، أنها على وشك أن تبدأ معي معركة ، فقد كانت متوترة ، وملامحها توحي بالرغبة في الرد على إتهاماتي وعدواني . في دخيلة نفسي كنت أريد معركة من هذا النوع ، لأدينها ، ولأؤكد لها ، أنني (أنا) الإنسان المعطاء ، وهي تمثال من الشمع ، بلا مشاعر . سادت لحظة من الصمت ، خشيت خلالها أن تنطفئ جذوة انفعالها ،

فقلت مستفزا :

- يا ضيعة احلامي . أنت تتحسسين يدك ، ومرهم كفيل بأن يحل المشكلة ، أما أنا فكيف أداوي قلبي الذي تيبس من الجفاف ..؟ رمقتني بنظرة عميقة ، لم أعتدها منها ،

ثم قالت ، وقد أختفت كل معالم التوتر من وجهها : - هل تظن أني لو لم أكن أحبك ، سأبقى معك دقيقة واحدة ..؟

نزلت عبارتها كالصخرة على صدري : "إذن هي التي تقرر أن تبقى معي أولا تبقى ، وليس أنا . وبالتالي ، فمفهومها للحب هو الذي يحدد استمرار العلاقة بيننا" .. هكذا خاطبت نفسي . لماذا لا تفهم أنـي أنـا لي رؤيتي الخاصة ، في أن نبقى معا أو لا نبقى ؟ لماذا لا تدرك أني أنا أيضا بحاجة لأن أحبها ، لكي أبقى معها ؟ إذا كانت تحبني وفق تصورها الخاص ، لماذا لا تمنحني الحق في أن أحبها بالشكل الذي أريد كذلك ؟ ألست في النهاية سأحبها هي ، وليـس شخصـا آخـر ..؟

أليس مؤذيا أن تقول لإنسان : ساعدني كي أحبك ، فيكون الجواب : لا عليك أنا أحبك ؟ ها هو يوم جديد ، وجولة من الإحباط جديدة ، وفشل يتراكم . في الظهر ، أثناء رجوعنا إلى البيت من مقر عملها ، حيث تعمل معلمة في مدرسة في حي فقير ، رأيت على جانب الطريق إمراة تمشي ، مسرعة الخطا ، حافية القدمين . كان يوما لاهبا ، أشعر فيه أن السيارة تئز تحتي من شدة الحرارة . كان منظر المرأة ، وهي تسير حافية على القار ، الذي سال بعضه ، وتشقق البعض الآخر ، من هول الحرارة ، التي تصبها الشمس على الأرض ، يثير الألم .

إلتفتت إلى حيث كنت أنظر ، فأبصرت المرأة ، وقالت بأسى : - لحظة .. لحظة قف قليلا . حينما أوقفت السيارة ، فتحت الباب ونزلت باتجاه المرأة . مر بعض الوقت ، وأنا لا أدري لماذا نزلت ، ولا بماذا تتحدث مع المرأة ، وفجأة ، رأيتها تنزع حليها من يديها وتعطيها المرأة ، ثم أتجهت إلى السيارة ، وقالت لي : - معك نقود ؟ - كم تريدين .. قلت لها ؟ - الذي معك .. أجابت .

أخرجت من محفظتي الف وسبعمائه ريال ، هي كل ما معي ، وناولتها إياها ، فاتجهت إلى المرأة ووضعتها في يدها ، وتبادلتا بضع كلمات ، لم أسمعها ، وعادت إلى السيارة .

قبل أن تركب ، استدارت فجأة نحو المرأة ، وقالت : - خاله .. حين ألتفتت المرأة ، خلعت حذاءها ورمته تجاهها . لم يصرفها عن النظر إلى يدي المرأة البائسة ، اللتين رفعتهما إلى السماء ، بعدما وضعـت الحذاء في قدميها ، اللتين أكلهما القار الحار ، إلا لهيب الرمضاء الذي أحرق قدميها ، وجعلها تتقافز ، كحمامة حطت على صفيح ساخن . ركبت ، وخيم الصمت بيننا . هي ، أظن أنه قد ألجمها الموقف ، وصدمة التأثر ، لتعاسة هذه المرأة البائسة .

أما أنا فقد خجلت من نفسي : "أهذا الكيان الشامخ بلا مشاعر ؟ كم كنت ساذجا ، حينما كنت أغمس يدي في هذا المحيط ، ثم أعيدها متأففا انه بلا محار ... وبلا لؤلو" . حينما وصلنا إلى البيت ، أستأذنتها لحظة بعدم النزول ، ودخلت البيت وأحضرت لها حذاء ، ولم أتكلم ، ولم نحتج إلى الكلام مرة أخرى .




المبدع الدكتور : محمد الحضيف





ودمتم لي بود






رد مع اقتباس
قديم 02-20-2008, 11:48 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

خالد الياسي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

شكرا لك اخي صاحب الامتياز

على هذه القصه الرائعه

قرئتها بصمت وكنت اتمنى الا تنتهي

شكرا مرة اخرى






التوقيع



عوده للذكريات

رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 12:31 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

صاحب الامتياز غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

الأخ خالد الياسي اشكرك على مرورك الذي شرفني ، وسعيد ان الاقصوصة نالت على استحسانكم .








ودمتم لي بود






رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 02:42 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

عذوب القصيده غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

وارخى هدب الوجدان رموش المشاعر


اقصوصه مذهله في حقيقتها،،،،،،،،رغم نقاط الضعف


ولكنها ابت إلا ان تتشكل كلمات


رومانسي ،،،،تستحق الإشاده







دمت بـــــــود






آخر تعديل عذوب القصيده يوم 02-21-2008 في 02:47 AM.
رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 03:29 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

هشام الهذلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

الأستاذ / صاحب الامتياز

يبدو لي أنك من المعجبين بأسلوب/ محمد الحضيف .

نص جميل للأمانة
وأسلوب راقي في الكتابة
الحقيقة لست ناقد أدبي بالفعل ولكن تؤثر بي الجمال

شكراً للنقل


وجميل أن تكون أول المشاركين في القسم الجديد






رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 03:40 AM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ابو عبد الله

 
الصورة الرمزية محمد الحميدي
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

محمد الحميدي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

اخوي صاحب الامتياز

يعطيك العافيه على الطرح الرائع

والنقل الجميل






رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 03:55 AM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ثلاث أشياء تزعجني

 
الصورة الرمزية عز الرفيق
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

عز الرفيق غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

الرومانسي


و تسجيل

السبق لصاحب الإمتياز

كأول مشارك بعد

تدشين القسم الجديد

( ( مجلس القصص الأدبية ))

إختيار موفق أخي صاحب الإمتياز

بارك الله فيك


ننتظر السبق لمن سيبدع بقلمه هو

أول قصة أدبية في مجالس هذيل






آخر تعديل عز الرفيق يوم 02-21-2008 في 03:58 AM.
رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 04:51 AM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

هامة العرب غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

الله من جد قصة روعه وفي غاية الجمال لما فيها من معنى
يسلموووو صاحب لامتياز على الاقصوصه صراحة كنت اقرائها واتامل في كلماتها
تقبل مروري وتحياتي






رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 04:33 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية بنت مكه
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

بنت مكه غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

ياااااااه قصه اعجز عن التعبير عن جماال معانيها

اخوي ....صاحب الامتياز ......حقاا تميزت نقل رااائع

الله يرعاااك






التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 07:19 PM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

صاحب الامتياز غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

الاخت جوهرة هذيل اشكرك على المرور ، والضعف يعتري كل عمل بشري خصوصا مابني منه على الكتابة والاسلوب ، ولكن بالنسبة لي اعتبر الحضيف صاحب اسلوب خاص به يكفيه عندي سمو الفكرة وهم الكتابة .






ودمتم لي بود






رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 07:56 PM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

صاحب الامتياز غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

الاخ الغالي : هشام الهذلي تحية طيبة وبعد :

اولا: كنت ومازلت اشعر بالزهو والسعادة كلما رأيت تعليق لك على احد الموضوعات خصوصا إذا كان ذلك خاص بي .

ثانيا : كنت ومازالت ذلك المتذوق اللماح ، وبالفعل اصبت كبد الحقيقة انا من كبار المعجبين والمتابعين للمبدع الحضيف ، والذي يمتاز في نظري بأنه يعزف على اوتار جراح مجتمعه بعيدا عن التشدق باخلاقيات المجتمع الافلاطوني ، وبعيدا عن المبالغة في تصوير المجتمع الانحلالي الوجودي ، والتي للاسف لم يسلم منها الروائين السعوديين فإن سلموا من الاولى وقعوا في الثانية ، والحضيف بحسب استقرائي لسردياته - وإن كان استقراء ناقص - يشخص المجتمع الشعودي خصوصا بمبضع جراح محترف ، وروايته ( موضي حلم يموت تحت الاقدام ) خير شاهد على ما اقول ، كما انه يتسم بالاسلوب الراقي في الطرح ، وحسن اختيار الكلمة ، ورقي الفكرة ، مما يضعه في نظري في المصاف الاولى للروائين المبدعين .






دمتم لي بود






آخر تعديل صاحب الامتياز يوم 02-21-2008 في 07:59 PM.
رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 08:03 PM   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

صاحب الامتياز غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

الأخوة : جني هذيل ، هامة العرب ، بنت مكة اشركم على المرور والاطراء ، ومن دواعي سروري اعجابكم بهذه المشاركة المتواضعة .






ودمتم لي بود






رد مع اقتباس
قديم 02-21-2008, 08:11 PM   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

صاحب الامتياز غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

الاخ الغالي : عز الرفيق تحية طيبة وبعد :

اولا : اسعدني تواجد ربان مجالسنا الادبية على متصفحي ، والذي يعني لي الكثير في نظري .

ثانيا : من دواعي سروري وغبطتي ان اكون اول المشاركين في هذا القسم الرائع ، والذي كنت اتمناه منذ التحاقي بمجالس هذيل ، ولايفوتني هنا ان اشكر صاحب الفكرة والقائمين عليها .

ثالثا : اكرر دعوة اخي عز الرفيق للمبدعين وأقلامهم ، وما أكثرهم في هذا المنتدى الراقي ، وإن كنت اعتقد ان السباق بدأ منذ افتتاح هذا القسم على إضفاء لمسات المبدعين الخاصة بهم على هذا القسم الوليد .






ودمتم لي بود






رد مع اقتباس
قديم 02-23-2008, 04:36 AM   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
.. بن ســـآلم ..

 
إحصائية العضو







اخر مواضيعي
 

عبآدي الهذلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الرومــانــســي

يعطيك العافيه يا صاحب الامتياز

اقصوصه جميله ولها معاني ومغازي اجمل

تقبل مروري

ومشكووور على الطرح






رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل